حرائق الغابات عرض أم مرض

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرائق الغابات عرض أم مرض, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 02:09 صباحاً

اندلعت الأسبوع الماضي عدة حرائق في أماكن مختلفة وفي أوقات متتابعة، استمر بعضها لعدة أيام، ولله الحمد أخمدت بعد جهود مضنية من الدفاع المدني، نظرا لوعورة التضاريس وانكشاف المنطقة وكثرة الوقود من حشائش وشجيرات وأشجار سريعة الاشتعال ونشاط الرياح وغيرها من الأسباب.

لن أخوض في سبب أو أسباب الحرائق فلم تعلن نتائج التحقيقات، ولا نعلم أهي عرضية أم مفتعلة، ولكن سأتحدث عن حرائق الغابات لدينا بشكل عام سواء من ناحيتي الوقاية والحماية، فالوقاية هي منع نشوب الحرائق بمنع أسبابها، والحماية هي مكافحة الحرائق بعد نشوبها. والحريق بشكل عام يعتبر عرضا لمرض من أسبابه الجهل والإهمال.

تكاد تكون مملكتنا الحبيبة قليلة الغطاء النباتي وخصوصا الغابات لطبيعتها الصحراوية، وتكاد تنحصر الغابات في سلسلة جبال السروات، وهي فقيرة بيئيا لأسباب منها الجفاف والزحف العمراني، لذلك فالمحافظة على هذا الكنز الأخضر يعتبر مطلبا وطنيا، وهو الأمر الذي دعا وزارة البيئة لسن قوانين تمنع الرعي والاحتطاب، وقد لمسنا له جانبا إيجابيا يتحدث عن نفسه، وجانبا آخر سلبيا حيث انتشرت بكثافة في تلك الغابات الحشائش والأشجار اليابسة التي تشكل بيئة خصبة للحرائق.

ولذا ينبغي على وزارة البيئة إعادة النظر في قانون منع الرعي والاحتطاب، بحيث تراعي فيه مواسم للرعي، حيث تقوم المواشي بتناول الأعشاب مما يساهم في تقليلها، وأما من حيث الاحتطاب فيمكن أن تقوم الوزارة بتكليف متعهدين مختصين بإزالة الأشجار والفروع اليابسة التي تنتشر في الغابات أو تلك التي جرفتها السيول وألقت بها في بطون الشعاب والأودية، وهذا يمكن أن يسهم في تحقيق إيرادات للوزارة إضافة لأثره الإيجابي على البيئة، وفي الوقت نفسه يجب التنسيق مع الجامعات ومراكز الأبحاث في إعادة تأهيل وتوفير بدائل لما يتم قلعه.

ومن ناحية أخرى يجب تكثيف الدور الرقابي للوزارة، فالدوريات السيارة لا تكفي ما لم تدعم بدوريات راجلة، وكذلك عن طريق استخدام التقنية الحديثة سواء بطائرات الدرون أو عن طريق الأقمار الصناعية.

هذا من ناحية الوقاية، أما من ناحية الحماية فالدفاع المدني بحاجة إلى تأهيل فرق متخصصة في حرائق الغابات والمناطق المفتوحة والوعرة، فالتعامل مع هذه الحرائق من أصعب ما تواجهه فرق الإطفاء حتى في أكثر الدول تقدما، ويجب تأهيل هذه الفرق من حيث التدريب وتوفير الآلات والتقنيات الحديثة المخصصة لحرائق الغابات والمناطق المفتوحة والوعرة. كما يمكن استخدام هذه الفرق للمشاركة في الدول الأخرى التي تنشب بها حرائق الغابات لاكتساب المزيد من المهارات والخبرات.

وبالنسبة للاستعانة بالمتطوعين كما رأيت في هذه الحرائق فللأسف الشديد كانت تجربة غير ناجحة لعدة أسباب أهمها العشوائية، فكثير حاول التطوع للمساهمة، ولكن بصورة بدائية تفتقر للفحص الطبي واللياقة البدنية فضلا عن توفر الملابس الواقية والتدريب والتأهيل.

ومن هذا المنبر يمكن توجيه الدعوة للدفاع المدني بتكثيف برامج التطوع واختيار المتطوعين من المؤهلين صحيا وبدنيا وإلحاقهم ببرامج دورية متخصصة في حرائق الغابات، وربما لا يخفى عليكم أن هناك محطات إطفاء الحريق في بعض الدول المتقدمة يتم تشغيلها بالكامل من قبل المتطوعين.

كما يجب على الدفاع المدني عمل خطط افتراضية لحرائق الغابات والمواقع الوعرة بشكل دوري، بحيث يتم في هذه الفرضيات قياس مستوى التدريب والتنسيق، والمعدات، ومركز القيادة والسيطرة.

في الختام، نحمد الله أن هذه الحرائق لم ينجم عنها خسائر في الأرواح، ولكن الخسائر الفادحة كانت تلك الأشجار النادرة والمعمرة وتلك الموائل الطبيعية لكثير من الكائنات الحية والتي نحتاج إلى عقود من الزمن لتأهيلها وتعويضها، نسأل الله أن يحمي بلادنا من كل سوء.

raheenalzain@

أخبار ذات صلة

0 تعليق