نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثقافة الكنى في السوق العقاري.. من مجاملة اجتماعية إلى عائق مهني, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 01:01 صباحاً
ومن أبرز تلك السلوكيات: ظاهرة استخدام الكنى بدل الأسماء الصريحة في التعاملات العقارية، خصوصا في المراحل الأولى من التواصل، سواء عبر الهاتف أو أثناء الزيارات الميدانية. وهي ظاهرة تثير تساؤلات مهنية، وتستدعي دعوة لتصحيح هذا المسار عبر تعزيز ثقافة الانضباط المهني والإفصاح الصريح في التعاملات العقارية.
حين تصبح الكُنية "ثقافة" مشوهة بفعل التراكمات
ما كان يستخدم في السابق كعرف اجتماعي محمود، يعبر عن التوقير وحسن المخاطبة، تحول اليوم - في السياق العقاري - إلى سلوك غير مهني مشوه، يستخدم للهروب من الإفصاح وتحاشي الوضوح.
فقد استغلت بعض الفئات هذه العادة الاجتماعية لتمرير تعاملات غير نظامية، حيث انتشر لسنوات سماسرة ووسطاء غير مرخصين، لا يعرف عنهم سوى كنى مستعارة أو ألقاب مبهمة، دون سجل تجاري، ولا هوية عمل، ولا كيان قانوني واضح.
عملت هذه الفئة لعقود تحت غطاء التستر العقاري، مستفيدة من بيئة فوضوية، وتساهل بعض الملاك الذين لم تكن تعنيهم نظامية الوسيط بقدر ما يهمهم تمرير الصفقة.
ومع تكرار هذا النمط، تطبع بعض العملاء على التعامل بالكنية كأمر طبيعي، إلى أن أصبح بعضهم يستنكر السؤال عن اسمه الصريح، ويعتبره تعديا على الخصوصية، وقد يجادل الوسيط قائلا:
"ليش تسأل عن اسمي؟ وش دخل الاسم في الطلب؟"
وهو لا يدرك أن هذا السؤال جزء من منهجية العمل المحترفة، وليس تطفلا شخصيا.
من حق المكتب أن يعرف من أمامه
المكتب العقاري المرخص ليس حلقة وصل تسويقية فقط، بل هو مسؤول أمام البائع والمشتري والمستأجر والجهات الرسمية. لذلك، من حقه الطبيعي والمهني أن يعرف من هو العميل الذي يتعامل معه، وذلك لأسباب عملية واضحة:
- توثيق بيانات الطلب والمتابعة.
- تقديم خدمة احترافية عند الرجوع للعميل لاحقا.
- توضيح هوية الشخص عند تحويله لصاحب العقار.
ومن غير المعقول عندما يرجع صاحب العقار للوسيط ويسأله: من هو العميل الذي أرسلته؟
فيكون الرد: أبو فلان... أو شخص ما أعرف اسمه!
نتائج الكنية غير المعروفة: مشاكل حقيقية
نتج عن هذا الأسلوب العشوائي مواقف كثيرة محرجة ومخالفة، نذكر منها:
- عملاء يتوجهون للعقار مباشرة دون تنسيق أو إذن.
- دخول لمواقع خاصة بناءً على موقع إعلان فقط.
- التعامل من طرف واحد دون جهة متابعة.
- بل وحدث في بعض الحالات تدخل الجهات الأمنية نتيجة تصرفات من شخص غير معروف الهوية.
"أبو فلان" هذا لا يمكن تتبعه، ولا يسأل عن أفعاله، ولا يتحمل مسؤولية، مما يربك الوسيط ويحرج المالك، ويضر بسمعة المكتب.
الضوابط النظامية: ما الذي يلزمنا فعله؟
تلتزم جميع المكاتب المرخصة بتوثيق بيانات العملاء بدقة، بما يشمل الاسم الثلاثي ووسائل الاتصال.
وهذا لا يتحقق أبدا إذا كان التعامل مع شخص يُعرّف نفسه فقط بلقب غامض أو كنية، مما يعد مخالفة لمبدأ الشفافية المهنية الذي يقوم عليه القطاع العقاري النظامي.
مقارنة سريعة: كيف تعمل الأسواق الأخرى؟
في الأسواق العقارية العالمية - بل وحتى الخليجية - لا يمكن إجراء أي تواصل أو معاينة دون الإفصاح عن الهوية.
التعامل بالاسم الكامل مطلب أساسي في أي منصة أو مكتب، ويعتبر عنصرا قانونيا وأخلاقيا.
أما في بعض الأماكن عندنا، فما زالت "الكنية" تستخدم وكأنها بديل عن التعريف الشخصي، في ظل غياب التثقيف العقاري الكافي.
نحو وعي عقاري جديد
الوضع الراهن لا يقتصر على كونه إشكالا في سلوك فردي، بل هو انعكاس لصورة نمطية ترسخت عبر سنوات من التعامل غير النظامي، وآن الأوان لتصحيحها.
وهذا يتطلب حملات إعلامية تثقيفية وتوجيهية، تقودها الهيئة العامة للعقار بالتعاون مع الجهات الإعلامية والمكاتب النظامية، لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتعزيز ثقافة الثقة المتبادلة المبنية على الإفصاح والشفافية.
ختاما، من حق العميل أن يحافظ على خصوصيته، لكن من حق المكتب العقاري أيضا أن يعرف من هو هذا الشخص الذي يتعامل معه.
فالاسم الحقيقي ليس تطفلا، بل هو الخطوة الأولى لضمان الجدية، وتنظيم العمليات العقارية بشكل موثق وآمن.
نقولها بكل وضوح: الكنية لا تكفي... والاسم الحقيقي هو ما يسير العلاقة العقارية باحتراف وثقة.
0 تعليق