أكد العميد الدكتور خالد فهمي، المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة والمتخصص في الشأن الإفريقي، أن فرص نجاح أي هدنة إنسانية مقترحة في السودان ما زالت مرهونة بتوافر إرادة سياسية جادة لدى طرفي النزاع، إلى جانب وجود منظومة رقابة دولية صارمة تضمن الالتزام ببنود الهدنة وعدم استغلالها لأغراض عسكرية أو لإعادة ترتيب القدرات القتالية تمهيدًا لجولات جديدة من التصعيد.
استمرار الصراع المسلح
وخلال حواره في برنامج «المشهد» المذاع على قناة النيل للأخبار، أوضح فهمي أن التجارب السابقة أثبتت صعوبة تثبيت أي تهدئة على الأرض، حيث حاول المجتمع الدولي خلال الفترة الماضية فرض أكثر من هدنة إنسانية، إلا أنها سرعان ما انهارت نتيجة الخروقات المتكررة من الجانبين، فضلًا عن غياب رؤية سياسية متكاملة تؤسس لسلام دائم يعالج جذور الأزمة، وليس الاكتفاء بحلول مؤقتة.
وأشار إلى أن استمرار الصراع المسلح ألقى بظلاله الثقيلة على الأوضاع الإنسانية داخل السودان، مؤكدًا أن تداعيات الأزمة تجاوزت حدود البلاد لتؤثر على دول الجوار، في ظل نزوح ولجوء ملايين السودانيين هربًا من القتال، وتدهور الخدمات الأساسية، وانتشار الأمراض، إلى جانب تصاعد معدلات الفقر والمجاعة، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
مسار سياسي جاد
وشدد المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية على أن أي مسار سياسي جاد للخروج من الأزمة يجب أن يعتمد على مفاوضات شاملة وغير مشروطة، تُدار تحت رعاية دولية محايدة لا تنحاز لأي طرف، بما يضمن بناء الثقة وتهيئة المناخ المناسب لوقف دائم لإطلاق النار. وأكد أن تغليب المصالح الوطنية والحفاظ على وحدة الدولة السودانية يجب أن يكونا فوق أي اعتبارات شخصية أو فئوية، حتى لا تتكرر دوامات الصراع وعدم الاستقرار.
تراجع حجم الدعم الدولي الموجه للسودان
كما لفت فهمي إلى أن تراجع حجم الدعم الدولي الموجه للسودان خلال السنوات الأخيرة جاء نتيجة حالة الانقسام الداخلي الحاد، وعجز القوى السياسية عن التوافق على مشروع وطني جامع بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، وهو ما أدى إلى إضعاف مؤسسات الدولة وتعقيد المشهد السياسي والأمني.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن استعادة الاستقرار في السودان تتطلب إرادة داخلية حقيقية قبل أي تدخل خارجي، داعيًا القوى السودانية المختلفة إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية والعمل على إنهاء الصراع حفاظًا على وحدة البلاد ومستقبل شعبها، ومؤكدًا أن استمرار النزاع لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر الإنسانية والاقتصادية التي يصعب تعويضها.

















0 تعليق