نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشرعية الدولية وميزان العدالة: السعودية وملف الاعتراف بفلسطين, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 12:42 صباحاً
وفي خضم هذه التحولات، يبرز دور المملكة العربية السعودية كقوة دبلوماسية ثابتة، ترسخ قواعد العدالة الدولية وتذكر العالم دوما بأن حق الشعوب في تقرير المصير ليس بندا اختياريا في ميثاق الأمم المتحدة، بل ركن أساس في بنية السلم الدولي.
إن السعودية اتخذت موقفا راسخا من القضية الفلسطينية، يقوم على دعم حدود 1967، واعتبار القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهو ما يتسق مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، التي تحدد مقومات الدولة.
والمملكة ملتزمة بهذه المبادئ عبر تحركاتها في منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومجلس حقوق الإنسان، مما جعلها حجر زاوية في دعم القضية سياسيا وإنسانيا.
وكما أن الاعتراف الفرنسي الأخير جاء بمثابة عودة متأخرة لمنطق القانون، حيث يحق لفلسطين، وفق القانون الدولي، أن تعامل كدولة كاملة الأهلية والأركان.
أيها العالم: ألا تشاهد هذه الصور التي تتكرر بلا كلل، تنهال قذائف الاحتلال على أحياء غزة كما تنهال الكلمات الجارحة على قلب أم ثكلى، تتهدم البيوت فلا يبقى من جدرانها سوى شهادات الميلاد، وألعاب الطفولة المكسورة، كل ذلك تحت سمع العالم وبصره، في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف الرابعة التي تحرم استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية، وتلزم القوة القائمة بالاحتلال بتوفير الحماية للمدنيين، لا دفنهم تحت الأنقاض.
ما يجري في فلسطين ليس مجرد صراع سياسي، بل هو امتحان أخلاقي للإنسانية، حيث يتجسد العجز الدولي في صور أطفال يسحبون من تحت الركام، ونساء يودعن أبناءهن على عتبة الموت، وفي كل لحظة يطلق فيها جندي إسرائيلي رصاصته، ينكسر مبدأ التمييز والتناسب، وتسقط معه ورقة التوت التي كانت تغطي عورة العدالة الانتقائية.
إن الانتصار لفلسطين ليس شعارات تردد، بل وقفة قانونية صلبة تدين وتوثق وتضغط عبر المحافل الدولية، حتى ينتزع الحق من بين أنياب الاحتلال، والمملكة لا تزال تشد الحبل وبقوة في صراع لعبة شد الحبل مع القوى الفاعلة والداعمة للاحتلال الإسرائيلي - لا نقول المملكة وحدها - ولكنها في ساحة أمم صماء، يتمايل الحبل بين كفين، تسحب المملكة الحبل لا من باب الاستعراض، بل من باب الواجب والكرامة والمبدأ؛ تسحبه وهي تشهر بيانات الجامعة العربية، وتحرك مبادرات مجلس التعاون، وتعيد صياغة الخطب لتتحول من نبرة إنكار إلى نبرة إنذار هادئ وحكيم.
أيها السادة: ليست المعركة على ورق المؤتمرات فقط، بل في عيون أطفال فلسطين، وفي أرشيف الأدلة، وفي مشاريع القرارات التي تولد خديجة في المجالس الدولية، ثم تجهض في أروقة المصالح.
أخيرا: إن الاعتراف الدولي بفلسطين ليس منة سياسية ولا مزاجا دبلوماسيا، بل حق أصيل مستند إلى الشرعية الدولية، وقد كانت المملكة العربية السعودية صوتا ثابتا في ضمير العدالة الدولية، تدافع عن هذا الحق في كل محفل، وتدعو إلى موازنته في ميزان القانون والعدالة، لا ميزان المصالح.
والرسالة الأهم: حين يصبح الاعتراف بالحق تأخرا لا فضلا، فإن من ثبت على الحق منذ البداية، هو من يكتب التاريخ لا من يلتحق به.
0 تعليق