نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أنا مشغول, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 12:01 مساءً
من المفاهيم المنتشرة وهي خاطئة تماما أن ظهور علامات الانشغال على الإنسان حتى لو لم يكن لديه شغل بالفعل يشكل دليلا على القيمة الكبيرة والدرجة العالية من الأهمية، وكثيرا ما نسمع عبارات مثل: «أنا مشغول» وما يرادفها مثل «ما ني فاضي» و «ما عندي وقت» و«ما ني قادر أحك رأسي» ممن أغرقوا أنفسهم في أوهام أنهم مشغولون ويكون هدف من يقولها هو تنبيه من حوله وإعلامهم بأنه إنسان مهم ومهم جدا، وأن وجوده يحدث فرقا وأنه صاحب موقع ومكانة مرموقة تشغله عن الكل، لذا يشعر دائما أنه مشغول عمن حوله، وهو لا يعلم أن عبارة «أنا مشغول» وما يشابهها - في الحقيقة - هي حالة دفاعية من الوهم يقولها الإنسان ليُشعر بها الآخرين بأن شخصيته مهمة وأنه ذو مكانة عالية وأن وقته مزدحم بشكل لا يُصدق، وتجد البعض يردد طوال الوقت وبشكل دائم «أنا مشغول» دون أن يدرك هو بنفسه ما هو ذلك الشيء الذي يشغله ودون أن يفطن أو ينتبه لذلك؛ فقد طوق نفسه في دائرة شغف الانشغال الذي يتجاوز الحدود إلى حد جنوني وتحت ضغوط مختلفة يعيش تخيلات غير حقيقية ويستتر خلف الوقت ويتحجب وراءه كمبرر لعدم إكمال أي أمر من أموره ولعدم إتمامه على أفضل وجه، وقد يتخذه حجة لعدم إنجازه.
لا بد أن يتم التمييز بين الانشغال والإنتاجية لأن ليس كل إنسان مشغول هو إنسان منتج؛ فالانشغال لا يعني الإنتاجية والإنتاجية لا تعني الانشغال الدائم؛ فالبعض قد يكون مشغولا بأشياء ليس لها أي قيمة وليست على درجة من الأهمية؛ فتجده دائما يردد «أنا مشغول» لكن القليل فقط يسأل نفسه: هل هذا الانشغال فعلا هو الذي يقدر أعماله ويستعرض نتائج أموره وما حققه من تقدم ويقرر قيمة تلك النتائج الواقعية ويقيم علاقاته ويحدد ارتباطاته ويوازن أفكاره ويقيس آراءه وما يخطر في عقله من أشياء أو حلول أو اقتراحات مستحدثة أو تحليلات للوقائع والأحداث، وبالتالي يفكر مليا ويراجع أفكاره ويراجع علاقاته ويتأكد من صحة أعماله ويطور قدراته ويحسن عاداته ويجمع قواه الذهنية والجسمية إلى كل أمر يضيف إليه وينأى عن كل ما يأخذ منه بعدها لن يقول «أنا مشغول».
0 تعليق