مؤتمر أبشر 2025: من الابتكار إلى الميدان.. رؤية تشغيلية للأمن الذكي

صراحة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صراحة ـ واس
لم يكن مؤتمر “أبشر” مجرد لقاء تقني أو مساحة لعرض الحلول الرقمية، بل مشهدًا وطنيًا بالغ الدلالة، أعاد تعريف العلاقة بين الأمن والتقنية والخدمة العامة, في هذا المؤتمر، لم تُعرض التجارب بوصفها منجزات مكتملة، بل قُدّمت بوصفها رؤية حيّة لمستقبل يُدار بالبيانات، ويُصان بالذكاء، وتُبنى فيه الثقة الرقمية كأحد أعمدة الاستقرار الوطني, هنا بدأ التحول الرقمي فعلًا سياديًا واعيًا، يتقدم بخطى محسوبة، ويضع الإنسان في قلب معادلة الأمن والخدمة.
انعقاد مؤتمر أبشر جاء ليؤكد أن التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية لم يعد مسارًا نظريًا أو مشروعًا تقنيًا معزولًا، بل خيارًا إستراتيجيًا تتكامل فيه التقنية مع الأمن والخدمة العامة ضمن رؤية وطنية شاملة، مثّل المؤتمر منصة جامعة للقيادات الأمنية والتقنية وصنّاع القرار والخبراء، حيث استعرضت وزارة الداخلية من خلاله نموذجها المتقدم في التحول الرقمي الأمني، وأبرزت حجم التطور العالي الذي وصلت إليه التجربة السعودية في هذا المجال، وما حققته من تكامل مؤسسي وقدرة على إدارة التحول بكفاءة عالية.
وقد حملت جلسات المؤتمر ورسائله تأكيدًا واضحًا على أن الأمن في العصر الرقمي لم يعد محصورًا في المفهوم التقليدي، بل أصبح منظومة متكاملة تبدأ من حماية البيانات، وتمر عبر تأمين الأنظمة، وتنتهي ببناء بيئة رقمية موثوقة قادرة على الاستجابة السريعة والتعامل الاستباقي مع التحديات، وقد برز في مداولات المؤتمر أن التقنية لم تُوظف بوصفها أداة تشغيلية فحسب، بل كعنصر داعم لصناعة القرار، ورافعة لتعزيز كفاءة الأداء، ووسيلة لترسيخ الثقة بين المؤسسات والمجتمع.
كما شهد مؤتمر أبشر طرح رؤى مستقبلية تتعلق بتوظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة في العمل الأمني والخدمي، حيث ناقش المشاركون سبل الاستفادة من تحليل البيانات الضخمة، وتطوير الأنظمة الذكية، ورفع مستوى الجاهزية الرقمية، كذلك تناول المؤتمر التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني وحماية الخصوصية، مؤكدًا أن مواكبة التطور التقني لا تنفصل عن الالتزام الصارم بحماية المعلومات وصون الحقوق الرقمية.
ولم يغفل المؤتمر البعد الإنساني في التحول الرقمي، إذ ركّزت الجلسات على أن التقنية ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتمكين الإنسان، وتسهيل حياته، وتعزيز ثقته بالخدمات الحكومية. وقد عكس هذا التوجه وعيًا متقدمًا بأهمية تجربة المستفيد، وضرورة أن تكون الحلول الرقمية مبنية على احتياجات المجتمع، وقادرة على الوصول إلى مختلف الفئات بكفاءة وعدالة.
كما مثّل المؤتمر منصة لإطلاق مبادرات نوعية وخدمات رقمية جديدة، جاءت امتدادًا لمسار التطوير المستمر، ورسالة واضحة بأن التحول الرقمي عملية ديناميكية لا تتوقف عند حد معين، وقد حملت هذه الإطلاقات دلالات عميقة على جاهزية البنية التحتية الرقمية، واكتمال التجربة السعودية في إدارة المشاريع التقنية الكبرى، وقدرتها على الانتقال من مرحلة البناء إلى مرحلة الابتكار والاستدامة.
أما على الصعيد المؤسسي، فقد عكس مؤتمر أبشر مستوى عالٍ من التكامل بين الجهات الحكومية، حيث برز التنسيق المشترك بوصفه عنصرًا أساسيًا في نجاح التحول الرقمي، وقد أكد المشاركون أن توحيد الجهود، وتبادل البيانات بشكل آمن، وتكامل الأنظمة، هي مرتكزات أساسية لبناء حكومة رقمية فعالة، قادرة على الاستجابة لتطلعات القيادة والمجتمع.
عليه، فإن الرسائل التي خرج بها مؤتمر أبشر تتجاوز حدود الحدث ذاته، لتؤكد أن المملكة تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ نموذج متقدم في التحول الرقمي الأمني، يقوم على الابتكار، والحوكمة، والاستدامة، ويضع الإنسان في قلب العملية التطويرية.
الجدير ذكره أن مؤتمر أبشر شكّل منصة وطنية لصياغة المستقبل، لا لاستعراض الحاضر فقط، ومختبرًا فكريًا لتبادل الخبرات، وبناء رؤى مشتركة لمستقبل الخدمات الأمنية الرقمية.
ولذا يؤكد مؤتمر أبشر أن الأمن الذكي والتحول الرقمي لم يعدا خيارًا ثانويًا أو مكملًا، بل أصبحا ركيزة إستراتيجية وطنية تصنع الفارق في بناء مستقبل المملكة، وتعكس التزام القيادة الرشيدة بالتحول الرقمي بوصفه عنصرًا أساسيًا في الأمن الوطني، والخدمة العامة، وجودة حياة المواطن والمقيم والزائر على حد سواء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق