دير الزور – مروان المضحي
بعد مرور أكثر من عام على سقوط النظام السابق، ومع بدء العودة التدريجية لأهالي دير الزور إلى مناطقهم، ظهرت مشكلة ارتفاع إيجارات المحال التجارية في شارع “حسن طه”، أحد أشهر شوارع المدينة.
بعد التحرير، فوجئ كثير من النازحين بحجم الدمار الذي طال البنية التحتية والمساكن في مختلف أحياء دير الزور، ما دفع أعدادًا من المهجرين إلى تأجيل عودتهم بانتظار إطلاق مشاريع التعافي المبكر وإعادة الإعمار، أو توفر ظروف مادية تمكنهم من إصلاح محالهم ومنازلهم.
وباعتبار أن شارع “حسن طه” سوق تجاري يتوسط مدير الزور، ونسبة دمار المحال التجارية فيه أقل من الأحياء الأخرى، بدأ الاهالي بالعودة التدريجية إليه، بحسب عمر بطاح، العامل بصيانة الدراجات النارية وأحد أصحاب المحال.
وقال عمر لعنب بلدي، إن الإيجارات باتت عائقًا أمام أصحاب أبسط المهن، فهم يضطرون لرفع أسعار الخدمة على الزبائن لمعادلة إيجار المحل الذي تخطى المليوني ليرة سوري، أي نحو 166 دولارًا أمريكيًا.
“جشع واستغلال”
يروي الشاب ماجد سراية، كيف رفض صاحب المحل الذي يستأجره منحه مهلة أسبوع واحد لنقل أثاثه إلى مكان آخر، بعد أن ضاعف المالك الإيجار، وطالبه بدفع 4.5 مليون ليرة، بعد أن كان مليوني ليرة شهريًا.
وضع ماجد أمامه خيارين، إما القبول بالسعر الجديد، وإما الخروج الفوري، ما اضطره للانتقال إلى حي آخر وفي محل غير مجهز بشكل كامل، رافضًا الاستجابة لما وصفه بـ”جشع المالك”.
وقال ماجد، إن ما مر به ليس حالة فردية، بل “ظاهرة متكررة” شهدتها الأشهر الأخيرة.
بدوره، عبّر محمد الحديد عن إحباطه من ارتفاع إيجار المحال التجارية بعد العودة التدريجية، فالمؤجرون لم يتنازلوا عن أسعارهم، بل إن بعضهم زاد الإيجار بعد زيادة الطلب ونشاط الحركة التجارية في المنطقة.
ويرى حسان الكاطع، أن بعض المؤجرين يمارسون الاستغلال لأن أغلبية أحياء المدينة مدمرة.
ورصد مراسل عنب بلدي ارتفاع عدد سكان المدينة بعد خروجها عن سيطرة النظام السابق وعودة المهجرين.
عمليات البناء والترميم لم تنعكس بشكل عملي على أرض الواقع، فقد اضطر حسان، وهو تاجر مواد غذائية، لاستئجار محل في شارع “حسن طه” بأكثر من 400 دولار شهريًا، بسبب إصرار صاحب المحل على رفع الإيجار باستمرار واستغلال الطلب على المساحات التجارية الواسعة والمؤهلة.
وذكر حسان أن المحل الذي يجاوره تم تأجيره بمبلغ 500 دولار أمريكي.
ويعود هذا الرفع إلى علمه بأن الأحياء في هذه المنطقة مدمرة بالكامل وغير صالحة للسكن، ولا يُتوقع أن يعود أصحابها إليها في المدى المنظور.
هذا الواقع دفعه لـ”استغلال الفرصة” عبر الرفع المتسارع للإيجار قبل إعادة إعمار المدينة، وفق حسان.
ارتفاع “جنوني” وتوقعات بانخفاض قادم
يزن المطرود، وهو صاحب مكتب عقاري في دير الزور، قال إن إيجارات المحال التجارية قد انخفضت نسبيًا، لكنه أكد أن إيجارات المنازل لا تزال مرتفعة بالفعل، معتبرًا أن انخفاضها ما هو إلا مسألة وقت.
وبتقدير يزن، فإن هناك حالة من النشاط في أسعار العقارات، يقابلها تحسن نسبي في الأرياف التي كانت تسيطر عليها “الميليشيات” المدعومة إيرانيًا منذ سنوات.
وطالب الحكومة السورية بسن قوانين أو اتخاذ قرارات تحدّ من “جشع المؤجرين” وتضع سقفًا للزيادات.
إيجارات المحال التجارية في أغلب شوارع مدينة دير الزور تشهد ارتفاعًا كبيرًا وغير مسبوق، حيث وصلت في بعض المواقع، مثل شارع الوادي، إلى نحو 1000 دولار أمريكي شهريًا.
مراسل عنب بلدي في المحافظة أجرى جولة للاطلاع، والتقى خلالها بعدد من أصحاب المحال.
وأجمع التجار الذين التقتهم عنب بلدي على أن السبب الرئيس لهذا التضخم في الإيجارات يعود إلى نقص المحال المأهولة والمتاحة، ويُعزى هذا النقص إلى الدمار الواسع الذي لحق بالمحافظة، مما أدى إلى ندرة في الأبنية والمحال الصالحة للاستثمار والعمل.
ولخص أحد أصحاب المحال حجم المعاناة بالقول، إن الأسعار أصبحت خيالية وتفوق قدرة التجار، الذين يجدون “صعوبة كبيرة في تأمين إيجار المحل شهريًا في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، مما يهدد بإغلاق محالنا”.
ونشر معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR) أطلسًا يبين مدى الدمار الذي لحق بالمحافظات والمدن سورية خلال الأعوام الثمانية الماضية.
واستند الأطلس، الذي نُشر في 16 من آذار 2019، إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، وعرض خرائط تبين توزع الدمار وكثافته في 16 مدينة ومنطقة سورية، شهدت أكبر نسبة دمار.
ويوجد في محافظة دير الزور1161 مبنى مدمرًا كليًا، و2370 بشكل بالغ، و2874 بشكل جزئي، وبلغ مجموع المباني المتضررة في المحافظة 6405.













0 تعليق