حمص – محمد كاخي
حصرت نقابة الصيادلة في حمص بيع حليب الأطفال في الصيدليات، ومنعت تداوله في المتاجر و”المولات”، الأمر الذي أثار النقاش حول أثر القرار على أسعار مادة تعد أساسية لآلاف العائلات.
وبينما تستند الجهات المعنية إلى اعتبارات صحية وقانونية لتبرير القرار، يرى أصحاب متاجر وأهالٍ أن حصر البيع بالصيدليات قد يفتح الباب أمام احتكار غير مباشر وارتفاع إضافي في الأسعار، خصوصًا أن حليب الأطفال يباع في الصيدليات بأسعار أعلى أصلًا مقارنة بالمتاجر العادية.
ويبلغ سعر علبة حليب الأطفال بين 50 ألفًا و120 ألف ليرة سورية، تبعًا للشركة المصنعة ونوع الحليب.
وتحتاج الأسر التي لديها طفل بعمر بين ستة أشهر وسنة إلى نحو ست أو سبع عبوات شهريًا، بحسب إفادات أمهات التقتهن عنب بلدي، ما يعني أن تكلفة تأمين الحليب لطفل واحد تتراوح بين 300 ألف و800 ألف ليرة شهريًا، بمتوسط يقارب 600 ألف ليرة تقريبًا.
ما سبب القرار؟
حُصر بيع حليب الأطفال في الصيدليات استنادًا إلى اعتباره منتجًا طبيًا يخضع لأحكام قانون “تجارة الأدوية رقم 24″، وفق ما أوضحه نقيب صيادلة حمص، عبد القادر غنطاوي، الذي أكد أن الحليب المعدّل، بما فيه حليب الأطفال والحليب منزوع الدسم، يُعامل قانونيًا معاملة الدواء، نظرًا إلى تأثيره المباشر على صحة فئة حساسة من المجتمع.
وقال غنطاوي لعنب بلدي، إن حصر البيع بالصيدليات يهدف إلى ضمان سلامة التخزين والاستخدام، إذ تُلزم الصيدليات بشروط حفظ محددة، وتخضع لرقابة مديريات الصحة، على خلاف المتاجر العادية التي لا تقع ضمن نطاق إشراف النقابة.
ولفت غنطاوي إلى أن أهمية حصر البيع لا تتعلق بالحفظ فقط، بل بالدور الإرشادي للصيدلي، خاصة أن بعض أنواع حليب الأطفال تُستخدم لأغراض علاجية في حالات الإسهال أو سوء الامتصاص، ما يستوجب صرفها بحذر، ووفق تعليمات واضحة، لا تتوفر في منافذ البيع غير المتخصصة.
مخاوف من رفع الأسعار
يبدو السعر الحلقة الأضعف في معادلة “السلامة” التي يستند إليها قرار حصر بيع حليب الأطفال في الصيدليات، إذ يتقاطع القلق الصحي مع واقع معيشي ضاغط تعيشه العائلات في حمص.
أصحاب متاجر قابلتهم عنب بلدي، اعتبروا أن حصر البيع، رغم تفهمهم للجانب الطبي خصوصًا لحليب الأطفال دون السنة، سيؤدي عمليًا إلى رفع الأسعار نتيجة غياب المنافسة، ذلك أن الصيدليات تلتزم بتسعيرة موحدة لا تسمح بالعروض أو التخفيض، على عكس المتاجر التي كانت تعتمد هوامش ربح أقل.
في المقابل، عبّرت أمهات التقتهن عنب بلدي عن مواقف متباينة، فبعضهن يفضلن الشراء من الصيدلية “لضمان الجودة” حتى لو كان السعر أعلى، فيما تلجأ أخريات إلى المتاجر بسبب الفارق السعري الكبير، واعتبرن أن النوعية واحدة لكن القدرة الشرائية هي الفيصل.
نقيب صيادلة حمص، عبد القادر غنطاوي، قال لعنب بلدي، إن النقابة تضبط توفر حليب الأطفال عبر إدخال الحليب إلى الصيدليات وفق الطرق النظامية، عن طريق المستودعات المرخصة أصولًا، ووفق تسعيرات نظامية موحّدة تضمنها النقابة في جميع الصيدليات، دون أي مجال للمضاربة في السعر، مع العلم أن نسبة ربح الصيدلي في حليب الأطفال “زهيدة” مقابل ما يقدمه من شروط الحفظ والتخزين المناسبة.
حفاظًا على جودة المنتج
يعزو صيادلة في حمص تأييدهم لحصر بيع حليب الأطفال في الصيدليات إلى عوامل تتعلق بشروط التخزين والرقابة والدور الصحي للصيدلي، مع تباين في تقييم بعض التفاصيل.
عدد من الصيادلة الذين التقتهم عنب بلدي، أكدوا أن الصيدليات ملزمة بتأمين درجات حرارة محددة للحفظ، وعدم تعريض العبوات للحرارة أو الشمس، إضافة إلى خضوعها لرقابة مديرية الصحة وتسعيرة رسمية ثابتة “لا يمكن تجاوزها بالزيادة أو النقصان”، على حد تعبيرهم، بخلاف “المولات” التي لا تخضع لآلية ضبط مشابهة.
ويرى صيادلة أن أهمية حصر البيع لا ترتبط فقط بالتخزين أو السعر، وتمتد إلى طبيعة حليب الأطفال نفسه، إذ يشمل أنواعًا علاجية لحالات مثل الإسهال وسوء الامتصاص والحساسية، تُصرف عادة بإرشاد طبي أو صيدلاني، وهو ما لا يتوفر في المتاجر العامة.
وفي المقابل، أشار بعض الصيادلة إلى أن شروط التخزين، من حيث المبدأ، قد تكون متشابهة بين الصيدليات و”المولات” إذا التُزم بدرجة حرارة الغرفة، لكن الفارق الأساسي يبقى في الرقابة والمسؤولية القانونية، وأن أي مخالفة في الصيدليات تُعرض صاحبها للمساءلة المباشرة من مديرية الصحة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى












0 تعليق