نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استخلاص العبر.. للوطن المستقر, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 02:39 صباحاً
لا يمكن لعقل يعيش بين إسرائيل وإيران ألا يتفكر فيما يحدث بين البلدين في الوقت الراهن، مهرجانات نهارية وليلية، بعد أن جفت الأقلام، واستعر العداء، وبلغت الحسرات التراقي، إما قاتلا أو مقتولا، دون أن يفكر ويلتمس المعلومات، أساسها وما بني عليها، وما يهدر أي قوانين عالمية، ويبيح السحق والهدم والحرق لكل ما تم بناؤه طوال سنوات حرص، وما تم تعظيمه من عقيدة، وما قامت الدولة بتصنيعه، وتخزينه، معتقدة أن كثرة الأسلحة ونشوزها للجوانب النووية هي الحل والوسيلة والمطلوب لتكوين دار سلام واستقرار.
ما اتضح خلال الأيام القليلة الماضية هو أن قوانين العالم لم تعد تكترث، ولا تملك القدرة على وقف التقاتل الذي يزيد الشراسة والغرور، وكل طرف يرى أنه الحصن العالي الأكيد، وأن أياديه تطول من يعاند ومن يعارض توجهاته، وكل من ينتقص من حقوقه.
جهود استمرت لعقود، من تصنيع وتحصين وخداع للمجتمعات الدولية، قد تنهار بسرعة تشبه ذوبان النايلون، فلا يعود له وجود بكثرة الغرور، ورؤية الأمور بأشكال مختلفة عن الواقع المعاش، ضمن رؤية ناقصة، تضخم جانبها، وتضعف من قدرات المقابل، لدرجة التضحية بالأرض، وما بني فوقها، والجيش، وما بناه سنوات طوال، والمبادئ، التي رسمتها العقيدة المتجبرة لا تعود ترى غير وجودها، ولا تحترم جيرة أو وجودا أو حقوقا أو مصالح.
الأمر خطير، والحرب سهل اشتعالها، وبعدها تتحول ساحات التحضر، وصناعات التقدم، وواجهات الزجاج إلى أهداف لصواريخ ومسيرات وقذائف طائرات ذاكرتها أصغر من أن تضع حسابا للقادم، فتستهين بكل معاني وحقوق الأوطان، وشروط الجيرة، ومقتضيات العلاقات البشرية، ما يعارض كل تقدم، وينكص كل علوم مفيدة، ويحرق الوجود بأطماع تعيش في عقول القيادات السياسية المغرورة، مهما طالها القصف والتصفية، وصلف أن النصر لهم، وأن الهزيمة والشماتة والسحق لمن يقف ضدهم.
حروب هذه الأيام لم تعد مثل حروب الزمن القديم، وفي عدة أيام بسيطة، يمكن تغيير المعادلات على الأرض وفي السماء، وقبل حتى أن تقوم الدول المُصلِحة بالتدخل، ومحاولات منع التقاتل، بعيدا عن تحيزها وأمنياتها.
من كان قدرهم أن يعيشوا في منتصف، بين النار والنار، لا يمكن أن يفهموا حبكة السياسة، وأن يدركوا أن التسلح ليس هو الأساس، وأنهم لا بد أن يبنوا سياساتهم على مصالح مشتركة، وعلاقات محترمة، تؤكد تحضرهم، وصدق نواياهم للتعايش مع الجيرة، وعدم رسم خطط المؤامرات والتجييش، والخيانات والثورات للآخرين، مستبعدين أن يحدث لهم المثل، وأن الحرب، لا ترحم لا المحارب، ولا من يدافع عن وطنه وحقوقه المشروعة.
أما الحقوق غير المشروعة، والمراوغة والاستقواء على الدول الأخرى بنوايا خبيثة، فتظل في جعبة من اختلقها، يعتقد أنها منجاته من حروب ضروس، وهي إنما تؤكد ضعف أسس سياسته، وتعامله مع الدول القريبة والبعيدة، وبالتالي تزيد من عزلته، وتحطم كل تقدم حازه، بمجرد وابل من الهجمات، تفقده كل ثقته ومكانته وطيب نواياه.
ما يحدث اليوم بين إسرائيل وإيران مخيف، وكابوس يجب على كل دولة محبة للسلام أن تتحاشى استمراره، وأن تكون رؤيتها ونواياها واحتياطاتها وعلاقاتها الدولية واقتصاداتها طريقها للسلام، وليس للمسح عن خارطة الحضارة والاندثار بحرب غير مدروسة.
0 تعليق