نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اختر الإجابة الصحيحة, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 02:39 صباحاً
أصعب الاختبارات دوما هي تلك الاختبارات التي يسمح فيها بالإجابة والكتاب مفتوح. وتكمن صعوبة تلك الاختبارات في أنها لا تعتمد على استذكار المعلومة فقط أو إيجادها، بل تعتمد على القدرة على الفهم والتحليل، وتنظيم الأفكار، والاستشهاد بما ورد في الكتب، دون إضاعةٍ لوقت الامتحان في عملية البحث! كذلك هي الحياة التي نعيشها، ملأى بالخيارات الواسعة في كل المجالات، وكلها تبدو صحيحة، ككتاب مفتوح كل ما يرد فيه من المعلومات صحيح!
وكثير من الناس يتعاملون مع الخيارات في الحياة بحذر شديد، خوفا من أن لا يكون اختيارهم صحيحا. فتجدهم ينحَونَ نحو الجمود ويرفضون خوض غمار التجارب مثلا، أو يرفضون التغيير الإيجابي، أو يظلون قابعين في منطقة الراحة، رغبة في تثبيت الإجابة التي اختاروها، والتي يعتقدون أنها الخيار الوحيد الصحيح من الخيارات المحتملة لهذا السؤال من أسئلة الحياة.
وأسئلة الحياة هنا هي مجرد تعبير مجازي عن القرارات المختلفة التي يختارها الإنسان خلال مسيرته في الحياة، ليُبنَى عليها مستقبله، ويحقق أهدافه وتشمل قراراته الشخصية، والمهنية، والاجتماعية، والمالية، وقراراته الاستراتيجية المصيرية، بل حتى قراراته الروتينية اليومية.
الحقيقة أن الحياة لو كانت امتحانا لما كانت صيغة الأسئلة فيها اختيار صحيح من متعدد، بل أسئلة مقالية، ينجح فيها من يُقدم إجابات نقدية مبنية على البراهين، والتجارب خير برهان، ويحصد أعلى الدرجات فيها ذلك الذي يخطئ ولا يخجل من الخطأ بل يجعل من أخطائه سلما للتعلم. ولو كان هناك ضابطٌ للتفوق فيها، لكان التفوق من نصيب ذلك الذي يكتب إجابته بالقلم الرصاص! لأنه يعلم أن الجواب الذي يراه الآن صحيحا، قد يحلّ محله جواب آخر أكثر دقة وصحة.
في النهاية، الحياة ليست اختبارا نبحث فيه عن «إجابة واحدة صحيحة»، بل هي سلسلة من القرارات والخيارات التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف. النجاح فيها لا يعني أن نختار دائما الخيار الصحيح، بل أن نختار بوعي واستنارة، وأن نتعلم من كل تجربة، وأن نعدّل تلك الخيارات حين نكتشف ما هو الأصح والأصلح.
0 تعليق