محليات
44

❖ الدوحة - قنا
ناقشت جلسة عقدت مساء اليوم ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، سبل تعزيز استخدام آليات التسوية غير القضائية في قضايا الفساد، باعتبارها أدوات مكملة لإنفاذ القانون التقليدي، ولا سيما في القضايا المعقدة العابرة للحدود.
وركزت الجلسة على دور هذه الآليات في تسريع الإجراءات، وخفض كلف التقاضي، وتحقيق نتائج عملية في مجالات استرداد الموجودات والتعاون الدولي. كما شددت على أن غياب الأطر الموحدة عالميا يفرض الحاجة إلى تطوير مبادئ إرشادية تستند إلى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مع مراعاة الخصوصيات الدستورية والقانونية لكل دولة، وضمان ألا تؤدي هذه التسويات إلى تقويض الردع أو المساءلة أو الثقة العامة.
وأجمع المشاركون على أن تنامي اللجوء إلى التسويات غير القضائية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، يعكس تحولا في مقاربات مكافحة الفساد، إلا أنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات قانونية ومؤسسية تتعلق بالمعايير، والشفافية، وضمان العدالة، وحقوق الدول المتضررة. وأكدوا أن نجاح هذه الآليات مرهون بدمجها ضمن منظومة العدالة الجنائية، لا التعامل معها كبديل عنها.
في هذا السياق، رأى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة - في مداخلة لممثل عنه - أن التسويات غير القضائية تمثل مصدرا مهما محتملا لاسترداد الموجودات، لكنها تحتاج إلى مزيد من الدراسة ووضع معايير تستند إلى مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وأشار إلى أن الاتفاقية تتضمن آليات محددة لاسترداد الموجودات، إلا أنها لا تبرز بوضوح التسويات غير القضائية كأداة مستقلة، ما يفتح المجال أمام تباين واسع في الممارسات بين الدول.
وبين أن البيانات المتاحة تظهر تركز عدد كبير من التسويات في دول لم تكن مسرحا مباشرا لوقائع الفساد، وهو ما يسلط الضوء على فجوة قائمة بين دول العرض ودول الطلب، ويطرح إشكاليات تتعلق بعدالة توزيع العائدات وأولوية حقوق الدول المتضررة.
وفي مداخلة لممثل عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في أستراليا، اعتبر أن اعتماد التسويات غير القضائية ارتبط بإصلاحات تشريعية ومؤسسية هدفت إلى تعزيز فعالية إنفاذ القانون، من خلال تشجيع الإبلاغ الذاتي، وتوسيع نطاق المسؤولية الجنائية، وتشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الرشوة والفساد.
وأوضح أن هذه المقاربة أسهمت في تحقيق نتائج عملية من دون اللجوء إلى محاكمات مطولة، مع الحفاظ على صلاحيات القضاء، مشددا على أن الشفافية في الإعلان عن نتائج التسويات تظل شرطا أساسيا للحفاظ على أثرها الردعي وثقة المجتمع.
من جهته، شدد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على أن التسويات خارج إطار القضاء يجب ألا تفهم باعتبارها تساهلا مع الفساد، بل كأداة إنفاذ فعالة إذا ما أحسن تصميمها وتطبيقها ضمن منظومة عدالة جنائية متكاملة.
وحذر من مخاطر إساءة استخدام هذه الآليات أو تحويلها إلى امتياز لفئات معينة، مؤكدة ضرورة توفير ضمانات قانونية وإجرائية واضحة، ومراعاة الفوارق بين النظم الدستورية والقانونية، ورفض اعتماد نهج موحد لا يراعي السياقات الوطنية المختلفة.
وفي السياق ذاته، رأى مسؤول بالمكتب الوطني المالي للادعاء العام في فرنسا، أن اتفاقيات التسوية التي تتضمن غرامات مالية، وبرامج امتثال إلزامية، وإجراءات لمصادرة الأصول، أسهمت في تسريع الإجراءات وتعزيز فعالية الملاحقات في القضايا المعقدة.
وأشار إلى أن هذه الآليات مكنت السلطات من الوصول إلى أدلة داخلية عبر التعاون المؤسسي، وساعدت في ترسيخ ثقافة الامتثال داخل الشركات، فضلا عن تحسين التنسيق الدولي في القضايا العابرة للحدود، بما يمهد لتسويات مشتركة أكثر عدالة وفاعلية مستقبلا.
كما تناول متحدث من مكتب نزاهة القطاع الخاص في البرازيل، أهمية ربط التسويات غير القضائية بإجراءات واضحة لتعويض المتضررين، وتعزيز مشاركة دول الطلب في مسارات استرداد الموجودات.
وأكد أن سد الفجوة بين دول العرض ودول الطلب يتطلب تعاونا دوليا أكثر تنظيما، يضمن إشراك الدول المتضررة في مراحل التفاوض والتنفيذ، وعدم اقتصار التسويات على البعد المالي فقط.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية


















0 تعليق